الروح

بعد ان راينا, و بالادلة القاطعة في مقالة جبريل, انه القران بعينه, بقي السؤال عن حقيقة الروح و ماهيتها معلقا, و هذا ما سنتعرف اليه هنا, من خلال ايات الصحف و بعيدا عن دجل التاريخ و الموروث.

سنبدا كما جرت العادة, بذكر الايات التي ورد فيها ذكر كلمة الروح و محاولة ايضاح سياقها, حتى نصل من خلالها الى الاجابة المرجوة, و التي ستتجلى, عزيزي القاري, بكل وضوح, ان اردت اتباع الحق الموجود في ايات المصحف و تستيقن الامر بنفسك.

الان و بعد ان اوردنا الايات بالاجمال, نستطيع الملاحظة بان الروح اقترنت بعيسى ابن مريم و امه والمليكة و ادم. و لكي نرى ماهية الروح, فالاجابة ترد بكل وضوح و بشكل صارخ في هذا المصحف, فهو و بكل بساطة المسيح, الذي قال عنه رسول الله و كلمته القاها الى مريم و روح منه. فالمسيح ليس عيسى ذاته و انما الروح و هو اضافة الى عيسى. لهذا نجد كلمة المسيح تقترن مع عيسى في المواضع التي يعمل فيها الروح و لا نجد الروح مذكورة في الموضع الذي يكون فيه عيسى منفردا او رفقة امه. و هذا ما يحاول ان يوصله لنا من خلال قوله, و هو ان التركيبة الثلاثية من المسيح عيسى بن مريم, هي التى يريدها الله لنا من خلال تزويد النفس بالعلم المطهر الذي يزكي الانفس. و الامر لا علاقة له مطلقا باحداث تاريخية لاشخاص جاؤوا في حقبة زمنية ما. و كل العجب ان نجد على الاقل 3 اديان تنبثق من كتاب واحد تحت تسميات مختلفة, كل فيها يدعي الحق و ينسبه لنفسه على حساب الاخر, و كل هذا بسبب فهم زايف و مشوه لصحف, تهدف من الاساس الى التطهير. ثم يبدا كل طرف بتاليف كتب اخرى, ينسج فيها من الخيال و الوهم ما ينسجه, ليدعم مصداقية قوله الفاسد. فاصبحنا نجد توراة خارجية, لم تقترن من الاساس بموسى, و ينزل فيها الرب بعمود سحاب نهارا و اخر من نار ليلا٢, ربما لتعسر رؤية السحاب ليلا. و انجيلا مفترى, لم ينزل على شخص ما في ارض مقدسة مدعين انه مكث بين العامة 3 سنوات فقط, و كانها مدة كافية لاعادة التاهيل, فنشر تلامذته البارين قوله الكريم. و احاديث رسول جاء من الصحراء ليقتل الخلق بحجة دعواهم الى الايمان, فخاض 28 معركة في اقل من 10 سنوات!

و حتى نصادق على هذا القول, سنقوم باستعراض المواضع التي يذكر فيها المسيح, حتى نؤكد صحة هذا الاستنتاج:

الا ترى عزيزي القاري كيف ها هو ذا روح الله يعمل باذنه, فينفخ تارة في مريم و اخرى في ادم كما يوضح لنا في في اية المسيح: (ورسولا الى بني اسراييل اني قد جيتكم باية من ربكم اني اخلق لكم من الطين كهيية الطير فانفخ فيه فيكون طيرا باذن الله وابري الاكمه والابرص واحيي الموتى باذن الله وانبيكم بما تاكلون وما تدخرون في بيوتكم ان في ذلك لاية لكم ان كنتم مؤمنين)؟

فلو قرانا الاية على مكث و قمنا بمقارنتها بعمل الروح في قوله: (اذ قال ربك للمليكة اني خالق بشرا من طين (71) فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين). سنجد بان الذي ينفخ هو الروح اي المسيح, و الانفس التي تحتويه.

فرب المليكة يخلق بشرا من طين بامر الله, اي من روحه, و هذا ما يفعله المسيح, فيخلق لهم من الطين, فتحدث التسوية و هي عملية تهيية الطير, فينفخ فيها الروح الامين, اي المسيح فتكون طيرا باذن الله. و ان تبرية الاكمه و الابرص هي عملية ترميم السمع و الابصر, اي الارحم٣ التي بصدد ازالة الغمام عنها. و ان الموتى الذي يحييهم هم القلوب بعد ان تثبت من تقلبها كي ترسو. ام نظن حقا ان الطير هم المخلوقات المجنحة ايضا؟ و ان الكلمة ليست من الطور (و قد خلقكم اطوارا)؟

كما نلاحظ بان المسيح هو وسيلة النفخ في الصور, اي من خلاله يصورنا الله في الارحم كيف يشاء: (هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء لا اله الا هو العزيز الحكيم). و ان له 3 اوصاف رييسية, نستطيع من خلالها الاستدلال عليه في بقية المصحف, و هي:

  1. رسول الله
  2. كلمته
  3. روح منه
  4. عبد الله

ففي اية: (قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا الذي له ملك السماوات والارض لا اله الا هو يحيي ويميت فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) نستطيع فهم معنى رسول الله اليكم جميعا و رسوله النبي الامي, فالخطاب موجه الى عيسى ابن مريم بعد ان بعثه حيا, اي نفخ فيه من روحه. و بهذا نرى الفرق بين يا ايها النبي و يا ايها الرسول. فواحد مبعوث و الاخر قيد الانشاء, اي يوم يموت.

الهذه الدرجة نسيء الظن بالله العظيم و لا نجده يصلي علينا على الدوام كما يقول: (هو الذي يصلي عليكم ومليكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمومنين رحيما)؟ و ان المسيح هو شخص جاء يصنع المعجزات الى بضعة اشخاص في مكان ما, و قد نالوا ذلك الشرف العظيم دون غيرهم, حتى يصدقوا انه من عند الله؟ و هنا نسال, ماذا عن باقي الخلق؟ الا يحق لهم ان يمسح الله من روحه فيهم؟ ام هو فعلا يفعل ذلك على الدوام و نحن لا نعقل القول؟ بل و نحتقر انفسنا و نوقر من قدر من كذب علينا و حدثنا بمن لم نرهم مطلقا و لا نملك ادنى دليل على وجودهم سوى مجرد روايات متناقضة و احاديث فارغة, لا يقدر المرء اثناء قرايتها على استساغتها الا ان اقفل عقله و اعمى  بصيرته و سلم نفسه لغيره يتلاعب به كما يشاء, و بذلك يستحق من الله عذابه الذي يلحقه به, جزاء معصيته المستمرة و ذلك لعدم الاصغاء لوحيه و اشراك غيره به. ثم نتسايل, لم يحدث كل هذا المنكر و لا نجد الله "يتدخل" لحل مشاكلنا! الربما لاننا نعصى امره؟ و هل حقا نريده ان يفعل لنا كل الذي نرفض ان نقوم به بسبب عجزنا و تخاذلنا؟

اتمنى من كل قلبي ان تجد هذه المقالات اذان صاغية لانفس تعقلها قلوبها و ترى اعينها من خلالها بصيص نور, قد يخرج من ضلوا السبيل عن ضلالتهم الى نور الله الحق, فيبداوا بالعمل المرجو منهم و يبتعدوا عن الخرافات و الاوهام التي لا تقدم بل تؤخر و عليه تستوجب العقاب الالهي الذي يرديها و يودي بها الى الانحطاط.