الروح
بعد ان راينا, و بالادلة القاطعة في مقالة جبريل, انه القران بعينه, بقي السؤال عن حقيقة الروح و ماهيتها معلقا, و هذا ما سنتعرف اليه هنا, من خلال ايات الصحف و بعيدا عن دجل التاريخ و الموروث.
سنبدا كما جرت العادة, بذكر الايات التي ورد فيها ذكر كلمة الروح و محاولة ايضاح سياقها, حتى نصل من خلالها الى الاجابة المرجوة, و التي ستتجلى, عزيزي القاري, بكل وضوح, ان اردت اتباع الحق الموجود في ايات المصحف و تستيقن الامر بنفسك.
- (ولقد اتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس افكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون). نجد هنا, ولا اعتقد ان هناك خلاف على هذا, بان الله قد ايد عيسى بن مريم بروح القدس. الامر ذاته يتكرر في: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من امن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد). و هنا تجدر الاشارة الى ضرورة ملاحظة صيغة الجمع في السياق عندما يقول: فضلنا, اتينا و ايدناه و صيغة الافراد مع الله في “شاء" و "يفعل”. فالامر ليس كما نعتقد, تعظيما و اجلالا. و لهذا تفصيل لاحق نكشف فيه حقيقة المسالة, لكن نكتفي بذكرها هنا حتى تنتبه, اخي القاري الى الامر و تعتاد ملاحظة هذا النسق الموجود في كل المصحف.
- (يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم وروح منه فامنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم انما الله اله واحد سبحانه ان يكون له ولد له ما في السماوات وما في الارض وكفى بالله وكيلا). و هنا نسال, لماذا ترد كلمة المسيح مقرونة بعيسى ابن مريم و لم يكن الامر كذلك في الايتين السابقتين؟ و في الحقيقة, الاجابة هنا هي المفتاح و جوهر الامر برمته. و سنعود لنفصل في هذه الاية لاحقا نظرا لمفصليتها في توضيح المسالة.
- الخطاب في الاية هنا موجه من الله مباشرة الى عيسى بن مريم, و كما اشرنا سابقا, لن تجد عزيزي القاري, في كل المصحف, خطابا موجها من الله بشكل مباشر (و ليس رب الكيان) الا الى عيسى او الى الجمع, بعد ان يبعث الرسول فيهم, و هذا ما نلحظه في اية: (اذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك اذ ايدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا واذ علمتك الكتاب والحكمة والتورية والانجيل واذ تخلق من الطين كهيية الطير باذني فتنفخ فيها فتكون طيرا باذني وتبري الاكمه والابرص باذني واذ تخرج الموتى باذني واذ كففت بني اسراييل عنك اذ جيتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم ان هذا الا سحر مبين). و نسال هنا مرة اخرى, لماذا لا يرد ذكر المسيح مقرونا بعيسى ابن مريم في هذا الموضع؟
- (قال انما اشكو بثي وحزني الى الله واعلم من الله ما لا تعلمون (86) يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف واخيه ولا تياسوا من روح الله انه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون). فدون روح الله, لا يزول الكفر او الغشاوة عن ادوات الاستقبال.
- (ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حما مسنون (26) والجان خلقناه من قبل من نار السموم (27) واذ قال ربك للمليكة١ اني خالق بشرا من صلصال من حما مسنون (28) فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (29) فسجد المليكة كلهم اجمعون (30) الا ابليس ابى ان يكون مع الساجدين). و هذه هي النفخة الثانية في الصور, و لنا مقال لاحق نفصل فيه النفخ في الصور بالكامل. فلا تتعجل عزيزي القاري.
-
(اتى امر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون (1) ينزل المليكة بالروح من امره على من يشاء من عباده ان انذروا انه لا اله الا انا فاتقون). نلاحظ هنا ان الروح اقترن بالمليكة من خلال حرف الباء, مما يجعل منه اداة و وسيلة, اي ان عملية تنزيل المليكة تتم من خلال الروح من امر الله.
كما يظهر في هذه الايات ان امر الله قد اتى و لا يجب علينا تعجله, لكن و مع كل الاسف, لا زلنا نعتقد انه لم يات, بل و ننتظره و نعلق الامال و الاوهام املا في قدومه, رغم قوله بكل وضوح هنا, بان امر الله قد اتى, و هو في الحقيقة كما يقول في تتمة الاية, انه عملية تنزيل المليكة التي تتم بواسطه روحه على من يشاء من عباده. و ليس يوما اسطوريا ينسف به هذا الكون بعد ان بناه, لانه يريد معاقبتنا في امتحان, لم يتلق فيه الجميع نفس الاسيلة او المنهج, و هنا نقول كما يقول: (وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين). فهل هناك اردى مما نحن فيه؟
- (واذا بدلنا اية مكان اية والله اعلم بما ينزل قالوا انما انت مفتر بل اكثرهم لا يعلمون (101) قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين امنوا وهدى وبشرى للمسلمين). الحديث هنا عن القران الذي ياتي بعد كتب موسى مصدقا لما بين يديه ليحل به الرسول بعض ما حرم عليهم, كما يقول في اية: (ومصدقا لما بين يدي من التورية ولاحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجيتكم باية من ربكم فاتقوا الله واطيعون). و نعيد التاكيد على حقيقة التورية و انها مما يتعلمه عيسى و لا علاقة لها بكتب موسى, و هي جزء من هذه الصحف و من العلوم التي تؤدي الى القران رفقة الانجيل.
- (ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا). فبدون روح الله, لا علم لنا الا ما علمنا, كما تقول المليكة, و بامر الله نعمل, شينا ام ابينا. ام نظن حقا بان المليكة هم المجنحين و ان الكلمة ليست من الملك بمعنى التسمية و التخصل و الحيازة؟ فملك اليمين هو الذي يملك ما امنه. و في رواية اخرى, هن ما اشتهته انفس "المؤمنين"… ولك الخيار في الاختيار.
- (واذكر في الكتاب مريم اذ انتبذت من اهلها مكانا شرقيا (16) فاتخذت من دونهم حجابا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا). و هنا تفصيل للنفخة الاولى في الصور, فعسى ان تستطيع - اخي القاري- معي صبرا لنرى قضية النفختين من هذه الصحف في مقال لاحق. لكن وجب التنويه هنا نظرا لارتباط مريم الوثيق بالروح. كذلك الامر يتكرر في اية: (والتي احصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها اية للعالمين). و نوجه هنا سؤالين للعصف الذهني و تحد للموروث: جعلهما اية ام ايتين؟ اليسوا اشخاص مثلنا؟ لماذا يقل عنهم اية؟ ان كانت الاجابة هي الاعجاز اللغوي و غير ذلك من الهراء دون دليل, فهذا جواب المفلس. و الاجابة موجودة كما سترد لاحقا بالدليل القاطع.
- (وانه لتنزيل رب العالمين (192) نزل به الروح الامين (193) على قلبك لتكون من المنذرين). و هذه الاية التي احدثت الطامة الكبرى بسبب سوء الفهم عندما اهمل "المفسرون" حرف الباء تماما و ادعوا بان التنزيل و وسيلته سيان, فاصبح جبريل, الذي انزله الله من خلال الروح, هو الروح بعينه! و ياللعجب كيف صدقنا هذا. و هنا ادعوك عزيزي القاري مرة اخرى بالعودة الى مقالة جبريل و التي كشفنا فيها سوء ذلك الفهم التاريخي و اوضحنا حقيقته.
- النفخة الثانية, و التي تحدث في الانسن و فيها يصور في الارحم ما يشاء: (الذي احسن كل شيء خلقه وبدا خلق الانسان من طين (7) ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين (8) ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والابصار والافيدة قليلا ما تشكرون). كذلك الامر في: (اذ قال ربك للمليكة اني خالق بشرا من طين (71) فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (72) فسجد المليكة كلهم اجمعون)
- (رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من امره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق). اذا الروح وسيلة تواصل يحدث من خلالها تلاق و ليس مخلوق فضايي يطير هنا و هناك باجنحته ال600. مع ان الله يقول ان المليكة ذات اجنحة مثنى وثلث و ربع! و تجدر الاشارة هنا الى ان كلمة جنح في المصحف تاتي بمعنى: (وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله انه هو السميع العليم), و لا علاقة لها بادوات التحليق و الاقلاع. لكننا نذكر المفارقات هنا و هناك لكشف غرابة الموروث و تناقضه جملة و تفصيلا.
- (وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم). و من ايده بروح القدس غيره, كي يخاطبه, ايها المسلمون؟
- (فاما ان كان من المقربين (88) فروح وريحان وجنت نعيم). مرة اخرى, لا يبدو الروح هنا مخلوق, و انما نتيجة. ام سيكون الرد بتحريف الكلم عن مواضعه و ابتداع معنى اخر للروح هنا كي يوافق الهوى؟
- (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا اباءهم او ابناءهم او اخوانهم او عشيرتهم اوليك كتب في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه اوليك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون). كيف لا و هم الذين اتبعوا الرسول الحق المؤيد بروح القدس, فنصروه فكانوا هم الغالبين حقا.
- (ومريم ابنت عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمت ربها وكتبه وكانت من القانتين). عودة للتاكيد على ان هذه هي النفخة الاولى, و ان كلمته هي روحه.
- تعرج المليكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة
- يوم يقوم الروح والمليكة صفا لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا
- (تنزل المليكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر). الروح فيها و ليس بينها؟ كيف هذا, ان كان الروح كيان يرفرف في اعالي الافاق؟
الان و بعد ان اوردنا الايات بالاجمال, نستطيع الملاحظة بان الروح اقترنت بعيسى ابن مريم و امه والمليكة و ادم. و لكي نرى ماهية الروح, فالاجابة ترد بكل وضوح و بشكل صارخ في هذا المصحف, فهو و بكل بساطة المسيح, الذي قال عنه رسول الله و كلمته القاها الى مريم و روح منه. فالمسيح ليس عيسى ذاته و انما الروح و هو اضافة الى عيسى. لهذا نجد كلمة المسيح تقترن مع عيسى في المواضع التي يعمل فيها الروح و لا نجد الروح مذكورة في الموضع الذي يكون فيه عيسى منفردا او رفقة امه. و هذا ما يحاول ان يوصله لنا من خلال قوله, و هو ان التركيبة الثلاثية من المسيح عيسى بن مريم, هي التى يريدها الله لنا من خلال تزويد النفس بالعلم المطهر الذي يزكي الانفس. و الامر لا علاقة له مطلقا باحداث تاريخية لاشخاص جاؤوا في حقبة زمنية ما. و كل العجب ان نجد على الاقل 3 اديان تنبثق من كتاب واحد تحت تسميات مختلفة, كل فيها يدعي الحق و ينسبه لنفسه على حساب الاخر, و كل هذا بسبب فهم زايف و مشوه لصحف, تهدف من الاساس الى التطهير. ثم يبدا كل طرف بتاليف كتب اخرى, ينسج فيها من الخيال و الوهم ما ينسجه, ليدعم مصداقية قوله الفاسد. فاصبحنا نجد توراة خارجية, لم تقترن من الاساس بموسى, و ينزل فيها الرب بعمود سحاب نهارا و اخر من نار ليلا٢, ربما لتعسر رؤية السحاب ليلا. و انجيلا مفترى, لم ينزل على شخص ما في ارض مقدسة مدعين انه مكث بين العامة 3 سنوات فقط, و كانها مدة كافية لاعادة التاهيل, فنشر تلامذته البارين قوله الكريم. و احاديث رسول جاء من الصحراء ليقتل الخلق بحجة دعواهم الى الايمان, فخاض 28 معركة في اقل من 10 سنوات!
و حتى نصادق على هذا القول, سنقوم باستعراض المواضع التي يذكر فيها المسيح, حتى نؤكد صحة هذا الاستنتاج:
-
(اذ قالت المليكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين). فمن هنا نفهم ان كلمة الله هي المسيح, الم يرسل الى مريم روحه؟ و بناء عليه تحدث هذه التركيبة الثلاثية؟ الم يتلق ادم من ربه كلمت فتاب عليه؟ اي القى بالروح من امره؟ الم ينفخ فيه من روحه؟
كما تجدر الاشارة هنا الى ان المليكة المقترنة بمريم, مصاغة بالتانيث (قالت المليكة), و الامر ليس كذلك في ادم (قالوا سبحنك لا علم لنا). و سنوضح سبب ذلك في مناسبة لاحقة.
- (وقولهم انا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقينا (157) بل رفعه الله اليه وكان الله عزيزا حكيما (158) وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا). و هنا نجد ان المسيح هو رسول الله, و لم يصفه بالنبوة, و الذي ينزل باذنه على من يشاء من عباده بعد ان يزوجها للنفس الوحدة فيعلمها ما يشاء من علمه: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما اثقلت دعوا الله ربهما لين اتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين). و سنفصل في هذا الامر لاحقا في مقالة النفس الواحدة.
- لهذا نجد ايضا, بان المسيح جاء مقترنا بالمقربين (السبقون, احد الازواج الثلاثة), فهو الروح الذي يكون فيها عندما تعرج اليه لتحمل عرشه: (لن يستنكف المسيح ان يكون عبدا لله ولا المليكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم اليه جميعا)
- من هنا نفهم سبب التحذير الالهي باتخاذ المسيح كاله, لانه روحه الذي يعمل بامره: (لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شييا ان اراد ان يهلك المسيح ابن مريم وامه ومن في الارض جميعا ولله ملك السماوات والارض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير). من المهم ايضا ان نلحظ عدم ايراد عيسى هنا.
- هل اصبحت قادرا, اخي القاري على معرفة سبب عدم ذكر عيسى في الموضع السابق و في هذا الموضع ايضا؟ (ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة كانا ياكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الايات ثم انظر انى يؤفكون)؟ ذلك بان عيسى هو العلم الذي يرزقه الله للروح و النفس من خلال الروح, اي النبوة. فعيسى نبي: (قال اني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبيا) و المسيح رسول: (ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل) و امه مريم. و بهذا يكتمل نصاب الرسول النبي الامي. فكلمة الزوج من المزج و القران و ابن من البناء و الامر كله لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بعلاقات بيولوجية.
الا ترى عزيزي القاري كيف ها هو ذا روح الله يعمل باذنه, فينفخ تارة في مريم و اخرى في ادم كما يوضح لنا في في اية المسيح: (ورسولا الى بني اسراييل اني قد جيتكم باية من ربكم اني اخلق لكم من الطين كهيية الطير فانفخ فيه فيكون طيرا باذن الله وابري الاكمه والابرص واحيي الموتى باذن الله وانبيكم بما تاكلون وما تدخرون في بيوتكم ان في ذلك لاية لكم ان كنتم مؤمنين)؟
فلو قرانا الاية على مكث و قمنا بمقارنتها بعمل الروح في قوله: (اذ قال ربك للمليكة اني خالق بشرا من طين (71) فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين). سنجد بان الذي ينفخ هو الروح اي المسيح, و الانفس التي تحتويه.
فرب المليكة يخلق بشرا من طين بامر الله, اي من روحه, و هذا ما يفعله المسيح, فيخلق لهم من الطين, فتحدث التسوية و هي عملية تهيية الطير, فينفخ فيها الروح الامين, اي المسيح فتكون طيرا باذن الله. و ان تبرية الاكمه و الابرص هي عملية ترميم السمع و الابصر, اي الارحم٣ التي بصدد ازالة الغمام عنها. و ان الموتى الذي يحييهم هم القلوب بعد ان تثبت من تقلبها كي ترسو. ام نظن حقا ان الطير هم المخلوقات المجنحة ايضا؟ و ان الكلمة ليست من الطور (و قد خلقكم اطوارا)؟
كما نلاحظ بان المسيح هو وسيلة النفخ في الصور, اي من خلاله يصورنا الله في الارحم كيف يشاء: (هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء لا اله الا هو العزيز الحكيم). و ان له 3 اوصاف رييسية, نستطيع من خلالها الاستدلال عليه في بقية المصحف, و هي:
- رسول الله
- كلمته
- روح منه
- عبد الله
ففي اية: (قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا الذي له ملك السماوات والارض لا اله الا هو يحيي ويميت فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) نستطيع فهم معنى رسول الله اليكم جميعا و رسوله النبي الامي, فالخطاب موجه الى عيسى ابن مريم بعد ان بعثه حيا, اي نفخ فيه من روحه. و بهذا نرى الفرق بين يا ايها النبي و يا ايها الرسول. فواحد مبعوث و الاخر قيد الانشاء, اي يوم يموت.
الهذه الدرجة نسيء الظن بالله العظيم و لا نجده يصلي علينا على الدوام كما يقول: (هو الذي يصلي عليكم ومليكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمومنين رحيما)؟ و ان المسيح هو شخص جاء يصنع المعجزات الى بضعة اشخاص في مكان ما, و قد نالوا ذلك الشرف العظيم دون غيرهم, حتى يصدقوا انه من عند الله؟ و هنا نسال, ماذا عن باقي الخلق؟ الا يحق لهم ان يمسح الله من روحه فيهم؟ ام هو فعلا يفعل ذلك على الدوام و نحن لا نعقل القول؟ بل و نحتقر انفسنا و نوقر من قدر من كذب علينا و حدثنا بمن لم نرهم مطلقا و لا نملك ادنى دليل على وجودهم سوى مجرد روايات متناقضة و احاديث فارغة, لا يقدر المرء اثناء قرايتها على استساغتها الا ان اقفل عقله و اعمى بصيرته و سلم نفسه لغيره يتلاعب به كما يشاء, و بذلك يستحق من الله عذابه الذي يلحقه به, جزاء معصيته المستمرة و ذلك لعدم الاصغاء لوحيه و اشراك غيره به. ثم نتسايل, لم يحدث كل هذا المنكر و لا نجد الله "يتدخل" لحل مشاكلنا! الربما لاننا نعصى امره؟ و هل حقا نريده ان يفعل لنا كل الذي نرفض ان نقوم به بسبب عجزنا و تخاذلنا؟
اتمنى من كل قلبي ان تجد هذه المقالات اذان صاغية لانفس تعقلها قلوبها و ترى اعينها من خلالها بصيص نور, قد يخرج من ضلوا السبيل عن ضلالتهم الى نور الله الحق, فيبداوا بالعمل المرجو منهم و يبتعدوا عن الخرافات و الاوهام التي لا تقدم بل تؤخر و عليه تستوجب العقاب الالهي الذي يرديها و يودي بها الى الانحطاط.